كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

من يهود خيبر أو ما يقرب منها، فأرسلوا ليهود المدينة: سلوا لنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عن حكم الزاني المحصن، فإن أتاكم بجَلد أو شيء غير القتل فاقبلوا حكمه، ونخرج من العُهدة أمام الله بأنهما حَكَمَ فيهما نبيٌّ كريم؛ لأنهم يعلمون أنه نبي كريم - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم في قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ} [المائدة: آية 41] يعنون: إن أعطاكم الحكم السهل من عدم رَجْمِ الزانيين فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا! وعلى كل حال ثبت في الصحيحين في قصة الزانيين المشهورة أنهما أتوا بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحَكَّمه فيهم (¬1)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَأَحْكُمُ فِيهِمْ بِالحُكْمِ الذي أنْزَلَ اللهُ في التَّوْرَاة» وهو الرَّجْم. وكان رئيسهم الديني في ذلك الوقت: عبد الله بن صُورِيَّا الأعور، فقال له: ليس في التوراة الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بَلَى، إن في التوراةِ لآيَة تدلّ على الرجم، فأتوا بالتَّورَاة». فجاءوا بالتوراة، فقرأ ابن صوريا ما قبل آية الرجم وما بعدها، وجعل يده على آية الرجم يخفيها إخفاءً للحق، فجاء عبد الله بن سلام (رضي الله عنه وأرضاه) وهو يهودي أصلاً من يهود بني قينقاع، وهو من خيار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأفاضل الصحابة الكرام، فهو الذي أنزل الله فيه في الأحقاف: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن
¬_________
(¬1) هكذا العبارة في الأصل، والصواب أن يقال: «أنهم أتوا بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكموه فيهم ... ».

الصفحة 527