كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الرابع: النسب: وهو من يتجرأ على المجتمع فيضيّع بعض أنسابه.
الخامس: المال.
السادس: العِرض.
فإن جميع المظالم في دار الدنيا تدور حول هذه الأشياء، وهي العدوان على دين الإنسان، أو العدوان على نفسه، أو العدوان على عقله، أو العدوان على نسبه، أو العدوان على ماله، أو العدوان على عرضه، فهذه الجواهر الستة التي تدور حولها المظالم في دار الدنيا لا تجد نظاماً أحوط لها وأحصن لها، وأشد محافظة عليها من نظام السماء، الذي تضمنه هذا الكتاب المبارك، المنزّل مِنْ رَبِّ العَالَمين، فتراه يحافظ على الدين أشد المحافظة، فيقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: آية 193] أي: حتى لا يبقى في الدنيا شرك ولا فساد دين، ويقول: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (¬1) ويقول: {يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} [البقرة: آية 217] يحثهم على أنهم يجاهدون كل المجاهدة من أراد أن يغيّر دينهم ويردهم عنه.
وأما النفس فقد جعل القرآن دونها حائطاً من حديد، وهو القصاص؛ لأن أعظم صيانة للنفوس ومحافظة عليها: شرع القصاص؛ لأن الله يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: آية 179] ومعنى أن كون القصاص لنا به الحياة: أن الرجل ينزغ فيه الشيطان فيغضب فينوي أن يقتل الذي أغضبه، فيأخذ الخنجر أو السكين، أو آلة القتل، ثم يذهب مصمماً على أن يقتله، فيتذكر أنه
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (115) من سورة الأنعام.

الصفحة 538