كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

إن قتله يتذكر صَلْبَه على الخشبة مقدماً لوليّ المقتول ليقتله أمام الناس، فإذا تذكر ذلك الموقف الذي يصير إليه أمره خاف، وارتعدت فرائصه، وهاب القتل، فحيي المقتول وحيي هو، وقَتْل نفس واحدةٍ قصاصاً يُحيي الله به ملايين الأنفس، وهذه حكمة القرآن وشرعه.
وهؤلاء الكفرة الذين تشبعوا بالآراء الإفرنجية، الذين يقولون إن القصاص من السفاهات، أن هذا الرجل قتل رجلاً ونقص به عدد المجتمع، فكيف نضايف بأن ننقص عدد المجتمع برجل آخر؟!! هذه فلسفة شيطانية، أصحابها لا يعرفون الحقائق، فإن الرجل الذي قَتَلْنَا أحيينا بقتله آلاف النفوس؛ لأن الشيطان ينزغ بين الناس، ويُغضِب السفهاء حتى يُقدموا على القتل، ولا يردعهم إلا القصاص، فإذا أراد أن يقتل تَذَكَّرَ مَوْقِفَهُ أمَامَ الناس مصلوباً على خشبة، أو ممسوكاً مجعولاً على عينيه غطاء ليقتله ولي الدم، فإذا تذكر موقفه أمام الناس ليُقتل خاف وحاسب، فحيي هو وحيي المقتول، ونحن نقول مثلاً -وقصدنا بيان دين الإسلام ومحاسنه وصيانته للحقائق، لا إطراء زيد ولا عمرو- أن هذه البلاد لمّا كانت تحكم بالقصاص، وتقطع يد السارق- نرجو الله أن يُسدد الحاكمين عليها للخير، ويديمهم على الحكم بحكم الإسلام- إذا وُجدت الإحصاءات العالمية في جنايات القتل أو السرقة تجد هذه البلاد أقل من جميع البلاد المتحضِّرَة المترقية حوادث وجنايات، فكل ذلك بفضل الله ثم بفضل هذا النظام السماوي، الذي وضعه خالق السماوات والأرض؛ حياطة للنفوس وحياطة للأموال.
ثم إنا إذا وجدنا الأنساب، نجد الشرع الكريم حافظ على

الصفحة 539