كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

اقتصاد، وجميع مَنْ في الأرض من الناس يقاطعهم في السياسة والاقتصاد، لا روابط بينهم وبين أحد لا سياسية ولا اقتصادية، وجاءتهم تلك الجيوش جيوش الأحزاب ومعها اليهود وقريش، وجاءوا بعشرة آلاف مقاتل، وحاصروا المدينة ذلك الحصار العسكري التاريخي المشهور، الذي نوّه الله بشأنه، ووصف شدته البالغة في سورة الأحزاب بقوله: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11)} [الأحزاب: الآيتان 10، 11] {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} من الله أمر عظيم فظيع! هذا الحصار العسكري، المسلمون في ضعف من العَدَد والعُدَد والعتاد والمال، وجميع الناس يقاطعونهم، فما هذا السلاح الذي قابلوا به هذا الحصار العسكري، والقوة العسكرية الشيطانية؟! الجواب: هو سلاح الإيمان بالله (جل وعلا)، كما نص الله عليه بقوله: {وَلمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22)} [الأحزاب: آية 22] هذا الإيمان الثابت الراسخ بالله والتسليم لله، كان هو السلاح القاضي على هذه الأعداء، صرّح الله بنتيجته بقوله: {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (25)} [الأحزاب: آية 25] يعني: إن كنتم ضعافاً أذلاء فهو قوي عزيز لا يذل من التجأ إليه، ولا من أخْلَصَ لَهُ حَقًّا.
ثم قال: {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ} أي: من حصونهم {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا} ثم ختم وقال: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} [الأحزاب: الآيتان 26، 27] إن

الصفحة 549