كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

ومعنَى قولِه: «لَيُّ الْوَاجِدِ» يعني: ظلمُ الْغَنِيِّ يُحِلُّ عقوبتَه. يعني: بالحبسِ. وعِرْضَهُ: بأن يقولَ: ظَلَمَنِي، وَمَطَلَنِي. وظاهرُ هذا العمومِ يشملُ الوالدَ إذا مَطَلَ دَيْنَ وَلَدِهِ؛ لأَنَّ لَفْظَةَ «الواجدِ» يصدقُ بكل غريمٍ مُوسِرٍ، فيدخلُ فيه الأبُ، إلا أن مفهومَ الموافقةِ في قولِه: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: آية 23] يُفْهَمُ منه: أن حَبْسَهُ في دَيْنِهِ من بابِ أَوْلَى لاَ يجوزُ. فَخُصِّصَ الحديثُ بمفهومِ الموافقةِ في الآيةِ.
ومثالُه في مفهومِ المخالفةِ: قولُه - صلى الله عليه وسلم -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» (¬1).
ظاهرُ عمومِه: سواءً كانت سائمةً أو معلوفةً، فَلَمَّا قال في
¬_________
(¬1) هذه الجملة - بهذا اللفظ - وردت في عدة أحاديث وآثار، فمن ذلك:
1 - عن ابن عمر (رضي الله عنهما) مرفوعًا. عند ابن ماجه في الزكاة، باب صدقة الغنم. حديث رقم: (1805، 1807)، (1/ 578 - 579).
2 - عن أنس (رضي الله عنه) مرفوعًا. عند الطبراني في الأوسط (7/ 304) وقال: (لم يرو هذا الحديث عن داود بن أبي هند إلا سلام أبو المنذر، تفرد به حاتم بن عبيد الله. وانظر: مجمع الزوائد (3/ 73).
3 - ما رواه قزعة عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) (وشك قزعة في رفعه) عند أحمد (3/ 35) وقال في المجمع (3/ 73): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح» 1. هـ.
4 - الحسن البصري (رحمه الله) مقطوعًا. عند ابن أبي شيبة (3/ 132).
5 - إبراهيم النخعي (رحمه الله) مقطوعًا. عند ابن أبي شيبة (3/ 132).

كما ورد في هذا المعنى عدة أحاديث وآثار بألفاظ متفاوتة عن أنس وابن عمر (رضي الله عنهم) وكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات الذي يرويه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، وكتاب أبي بكر (رضي الله عنه) في الصدقات، وكذا كتاب عمر (رضي الله عنه)، وورد عن علي (رضي الله عنه) موقوفًا وغير ذلك وحديث أنس في الصحيح.

الصفحة 55