كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

لا يفهمونها؛ لأنها ليست بلغتهم، ولا يعرفون معانيها؛ لأنها ليست بلغتهم، يعني: فقد قطعنا هذا العذر، وأنزلنا إليكم كتاباً بلسانكم، أو تقولون: لو أنا أنزل علينا الكتاب كما أنزل التوراة على اليهود، أو كتاب كما أُنزل الإنجيل على النصارى، لعملنا بذلك الكتاب، وكنا أهدى منهم، ولكنا لنا عذر، وهو أنهم أنزل عليهم كتاب، ونحن لم ينزل علينا كتاب، هذا العذر، {أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} فكأن الله يقول: إن ادعيتم هذه الدعاوي، واعتللتم بهذه العلل، فقد جاءكم كتاب منزل بلسانكم ولغتكم، تعرفون معناه فسمى القرآن (بيّنة) لأن البيّنة هي الدليل الواضح الذي لا لبس في الحق معه، وسُمي الشهود (بيّنة) لأنهم يبيّنون الحق بشهادتهم.
{وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} هدى إرشاد للجميع، وهدى توفيق لمن اتبعه، ورحمة يرحم الله به مَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ المؤمنين ووفَّقَه لذلك.
ثم إن الله قال: {فَمَنْ أَظْلَمُ} أي: لا أحد أظلم {مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ} وهم كفار قريش، بعد أن نزل عليهم الكتاب، وقطع به عذرهم، {كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ} وقال: هي سحر، شعر، كهانة، أساطير الأولين.
{وَصَدَفَ عَنْهَا} صَدَفَ تُسْتَعْمَل استعمالين (¬1): صدف تستعمل
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (12/ 244) القاموس (مادة: صدف) 1068، البحر المحيط (4/ 258)، أضواء البيان (2/ 282)، مضى عند تفسير الآية (46) من سورة الأنعام.

الصفحة 555