كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

بجوارحه، كقوله: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31)} [القيامة: آية 31] أي: لا صدق بلسانه ولا صَلَّى بِجَوَارِحِه.
وقوله: {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ} سنجازي الذين يصدفون؛ أي: يصدون الناس {عَنْ آيَاتِنَا} بناءً على أنَّ صَدَفَ مُتَعَدِّيَة، أو سنجزي الذين يُعْرِضُونَ {عَنْ آيَاتِنَا} بناءً على أنها لازمة.
{سُوءَ الْعَذَابِ} من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ أي: سنجزيهم العذاب السيئ، وهذا يدل على أنها متعدية؛ لأن {سُوءَ الْعَذَابِ} عذاب مضاعف لِضَلَالِهم وإضلالهم، كما قال: {الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ} أي: كفروا في أنفسهم، وصدوا الناس عن سبيل الله {زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: آية 88] أي: لإضلالهم وضلالهم.
{بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} وفي هذه الآية بعض الأسئلة المعروفة اللغوية:
أحدها: أنه قال: {أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ} فأفرد الكتاب، ثم بيّن بقوله {عَلَى طَآئِفَتَيْنِ} أنهما كتابان، كيف يفرد الكتاب، وهما كتابان: التوراة والإنجيل؟ هذا سؤال وارد معروف.
والجواب عنه معروف، وهو أن المفرد إذا كان اسم جنس جاز استعماله مفرداً مراداً به الجمع أو التثنية؛ لأن المراد به الجنس في حالاته الثلاث، ونعني بحالاته الثلاث: أن يكون مُنَكَّراً، أو مُعَرَّفاً بالألف واللام، أو مضافاً، ونحو هذا كثير في القرآن (¬1).
¬_________
(¬1) راجع ما تقدم عند تفسير الآية (46) من سورة الأنعام.

الصفحة 557