كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

وقال: إن إطلاق المفرد إذا كان اسم جنس مراداً به الجمع أنه يوجد في كلام العرب بغير كثرة، بقلة. ونحن نرى باستقراء اللغة العربية أنه كثير، وأنشد له سيبويه في كتابه بيتين: أحدهما قول علقمة بن عَبَدَة التميمي (¬1):
بِهَا جِيَفُ الحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا ... فَبِيضٌ، وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ

أي: وأما جلودها فصليبة.
والثاني قول الآخر (¬2):
كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعُفُّوا ... فَإِنَّ زَمَانَكُم زمنٌ خَمِيصُ

أي: بعض بطونكم، ونحن نراه في كلام العرب وأشعارها بكثرة، فمنه قول عقيل بن علّفة المرّي (¬3):
وَكَانَ بَنُو فزَارَةَ شَرَّ عَمٍّ [أي: أعمام] ... وَكُنْتُ لهُمْ كَشَرِّ بَنِي الْأَخينَا

وقول عباس بن مرداس السُلمي (¬4):
فَقُلْنَا أَسْلِمُوا إنَّا أخُوكُمْ ... وَقَدْ سَلِمتْ مِنَ الإِحَنِ الصُّدُورُ

أي: إخوانكم. وقول جرير (¬5):
إِذَا آبَاؤُنَا وَأَبُوكَ عُدُّوا ... أَبَانَ المقْرِفَاتِ مِنَ الْعِرَابِ

أي: وآباؤك، وهو كثير في كلام العرب كما بيّنَّا.
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (46) من هذه السورة.
(¬3) السابق.
(¬4) السابق.
(¬5) السابق.

الصفحة 559