كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

{أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} أي: يأتيهم الله لفصل الخطاب يوم القيامة، فيعذبهم العذاب الأكبر عندما يأتي ليحاسب الناس على أعمالهم، وإتيان الرب هنا هو معنى قوله جل وعلا (4): {وَجَاء رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22)} [الفجر: آية 22] وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} [البقرة: آية 210].
وهذه الآيات ونحوها من الآيات، كمجيء الرب في هذه الآيات، الذي أخبر به عن نفسه، كنزوله إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر يقول: «هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيب لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِر لَهُ» (1)، كل هذه من آيات الصفات وأحاديثها أشكلت على آلاف الخلق، وضل فيها ملايين الناس من حذاق النظار، الفحول العلماء؛ لأن التوفيق بيد الله.
ونحن نُحَرِّرُ لكم هذا المقام تحريراً شافياً واضحاً على ضوء نور القرآن العظيم، بحيث يَتَيَقَّن العاقل أنَّ مَنْ مَاتَ عليه لقي الله سالماً، اعلموا أيها الإخوان أنا نوصيكم وأنفسنا بهذا الذي نقوله لكم في الخروج من هذا المأزق الأكبر، ومزلة الأقدام التي زلت فيها أقدام الآلاف ممن ينتمي للعلم، في آيات الصفات، فمن مُعَطِّلٍ نافٍ لها، ومن مُشَبِّه مُجَسِّم، ومن مغير لها آت بغيرها، والحق الفصل في هذا: هو أن البيان بالقرآن، والله أوضح هذه المسألة إيضاحاً شافياً

الصفحة 562