كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

لا لبس في الحق معه، ولكن الله يهدي من يشاء، أما الذين يؤولون صفات الله، ويقولون: لها ظاهر غير مراد؛ لأنه ظاهر يُفهم غير اللائق بالله! فيصرفونها ويأتون بشيء بدل ذلك من عند أنفسهم! فهم كما قال الشافعي (رحمه الله) -لأنهم يقصدون الخير، ولكنهم غلطوا ووقعوا في شرٍّ مما فرّوا منه، وقول الشافعي المذكور- بيته المشهور (2):
رَامَ نَفْعاً فَضَرَّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ... وَمِنَ الْبِرِّ مَا يَكُونُ عُقُوقاً

والمخرج من هذا المأزق: هو الاعتماد على ثلاثة أصول كلها من كتاب الله، فمن لقي الله معتقداً لها ومات عليها لقي الله سالماً على المحجة البيضاء التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ومن أخل بواحدٍ منها دخل في مهواة وبلايا قد لا يتخلص منها، فأوصيكم بهذه الأصول الثلاثة القرآنية؛ لأنها هي المخرج الإلهي القرآني من هذا المأزق العظيم (¬1).
الأول من هذه الأصول الثلاثة: هو أساس التوحيد، والحجر الأساسي لمعرفة الله معرفة على الوجه الصحيح، وهو تنزيه خالق السماوات والأرض عن مشابهة شيء من خَلْقِهِ، هذا هو الأصل الأكبر، والحجر الأساسي لمعرفة الله على الوجه الصحيح اللائق، تنزيه خالق السماوات والأرض عن مشابهة شيء من خلقه في صفاتهم، أو ذواتهم، أو أفعالهم. ومن هم الخلق يا إخوان؟ من هم الخلق؟! أليسوا أثراً من آثار قدرته وإرادته، وصنعة من صنائعه؟
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (52) من هذه السورة.

الصفحة 563