كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

بكماله وجلاله، وجميع ما وصف به خلقه مناسب لحال خلقه وفقرهم وعجزهم وفنائهم، وبين الصفة والصفة من المنافاة كما بين الذات والذات.
فمن صفات الأفعال: أن الله وصف نفسه بأنه يفعل رزْق عباده، قال: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ (58)} [الذاريات: آية 58]، وقال: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: آية 39]، {خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: آية 11].
ووصف بعض خلقه بأنه يفعل الرّزق أيضًا، قال: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [النساء: آية 8]، وقال: {وَعلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: آية 233].
ورَزْق الله لخلقه ليس كَرَزْق الناس بعضهم لبعض، فبين الفعل والفعل من المنافاة كمثل ما بين الذات والذات.
ووصف نفسه بأنه يعمل، قال جل وعلا: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} [يس: آية 71].
ووصف نفسه بالفعل الذي هو العمل.
ووصف خلقه بالعمل، قال: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: آية 17].
ووصف نفسه بأنه يُعلِّم خلقه: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} [الرحمن: الآيات 1 - 4]، {وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [الكهف: آية 65].

الصفحة 574