كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

فعلينا أولاً أن نُنَزِّهَ الله، ثم نثبت لَهُ مَا أثْبَتَ لنفسه على أساس التنزيه، ثم نقطع طمعنا عن إدراك الكيفية.
ونحن نقول لكم: إن هذه الأيام والليالي سائرة بنا بسرعة إلى القبور، ثم إلى عَرَصَاتِ القيامة، فعن قريب ونحن أمام الله في عرصات القيامة، والله يقول: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: آية 6]، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: الآيتان 92، 93] ومما يوشك أن يسألنا عنه: ماذا كنتم تقولون في صفاتي التي مدحت بها نفسي؟ هل كنتم تنفونها وتكذبونني وتدّعون عليَّ أني أمدح نفسي بشيء لا يليق؟ أو كنتم تنزهونني وتثبتون لي صفاتي، وتعلمون أني لا أمدح نفسي إلا بوصف كمال وجلال، وأن صفتي لا تشابه صفة خلقي؟
فهذه الأسس الثلاثة من مات عليها مات على دين محقَّق وعقيدة سلفية صحيحة، وأنا أضْمَن له أنه لا تأتيه بليّة من واحدة من هذه الأصول الثلاث، ولا يأتيه من قِبلها لَوْم ولا توبيخ ولا عذاب بهذه الأسس الثلاث، فلا يقول الله له: لِمَ تُنَزِّهني عن مشابهة خَلْقِي في صفاتهم وأفعالهم وذَوَاتِهِمْ؟ لا، وكلا، هذه طريق سلامة محقَّقَةٍ.
ولا يقول له ربه: لِمَ تصدقني فيما أثنيت به على نفسي، وتصدق نبيي فيما أثنى عَلَيَّ به تصديقاً مبنيّاً على أساس التنزيه؟ لا، وكلا، هذه طريق سلامة محققة.
ولا يقول له: لِمَ لا تَدَّعِي أن عقلك محيط بي؟ فلا يقول له ذلك أبداً، فكل هذه الأسس الثلاث طريق سلامة محققة في ضوء

الصفحة 576