كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الكافر كما قال تعالى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: آية 159]، وهذا يدل على أن طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات. ويُشكل عليه حديثان ثابتان في صحيح مسلم وغيره، فإنه في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَوَّلَ الآياتِ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (¬1) وفي صحيح مسلم أنه قيل له (¬2): إن مروان بن الحكم يقول: إن أول الآيات خروج الدجال. فقال: ما قال مروان شيئاً، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (¬3) وهذا الحديث مُشْكِلٌ، إِذَا كان طلوع الشمس من مغربها قبل الدجال، والعلماء مجمعون على أنه لا إيمان يُقبل من كافر بعد طلوع الشمس مِنْ مَغْرِبِهَا، إذاً يكون زمن الدجال وعيسى ابن مريم لا تنفع فيه الأعمال، وهذا مخالف لِظَوَاهِرِ النصوص الكثيرة، ففي حديث عبد الله بن عمرو هذا أعظم إشكال.
ومن الأحاديث المشكلة أيضاً: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: «ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ»، ثُمَّ ذَكَرَ الثَّلاث: «الدَّجَّالُ، والدَّابَّةُ، وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا» (¬4) وهذا يدل على أنه لا تَوْبَةَ تُقبل بعد مجيء الدجال، وهذا خلاف الظاهر المعروف من النصوص، فَحَدِيثَا مُسْلِمٍ هذان
¬_________
(¬1) مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: خروج الدجال ومكثه في الأرض ... حديث رقم: (2941)، (4/ 2260).
(¬2) أي: عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(¬3) راجع الحاشية التي قبل السابقة.
(¬4) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، حديث رقم: (158)، (1/ 138).

الصفحة 591