كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

مشكلان جدّاً على قوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا} وعلى ما عليه جمهور العلماء من أنه طلوع الشمس، والإشكال في هذه الأحاديث لم نجد من حرَّر المقام فيه تحريراً شافياً يجب الرجوع إليه.
والذي يظهر لنا: أن الآيات العظام نوعان: فَقَدْ ثَبَتَ في صحيح مسلم أن الآيات الكبار عشر، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أُسيد الغفاري (رضي الله عنه) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ» (¬1) وهذه الآيات العشر عند العلماء هي العلامات الكبار، ثم عَدَّهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عنه مسلم من حديث حذيفة بن أُسيد الغفاري رضي الله عنه، وعدّ منها ثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج دابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، والدخان. وهذا الدخان الذي ذكره مسلم في صحيحه هنا قال بعض العلماء: إنه هو المذكور في سورة الدخان، وأنه لم يأتِ إلى الآن، وأنه هو في قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10)} [الدخان: آية 10] قالوا: وهو دخان يمكث أياماً يأخذ بنفس الكافر، ويأخذ المؤمن منه شبه الزكام، وأنه من العلامات التي ستأتي ولم يأتِ إلى الآن (¬2)، وكان عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) يقول: إن الدخان المذكور قد مضى، وهو ما أصاب ربيعة ومضر من الجوع لما دعا
¬_________
(¬1) مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: في الآيات التي تكون قبل الساعة، حديث رقم: (2901)، (4/ 2225).
(¬2) انظر: ابن جرير (25/ 111 - 115)، ابن كثير (4/ 138 - 140).

الصفحة 592