كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم وقال: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ» (¬1)
وأنهم جاءهم من الجوع ما أكلوا معه العِلْهِز، والعِلْهِز: شيء كانوا يصنعونه مِنَ الوَبَرِ والدَّمِ، يأكلونه عند شدة الحاجة، كأن الإنسان لشدة الجوع يُخيَّل له أن أمام عينيه شبه الدخان، وأن ذلك الذي يُخيل لعينيه مما يشبه الدخان من شدة الجوع أنه هو معنى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ} أي: فيما تظنه أعينهم لشدة القَحْطِ والجُوع، هذا تفسير عبد الله بن مسعود وطائفة من العلماء للدخان (¬2). وفسّره جماعة آخرون بالدخان الذي عدّه مسلم في الآيات العشر العظام التي هي: الدخان، والدابة، والدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم وفي بعض الروايات بدل نزول عيسى ابن مريم: ريح تلقيهم في البحر، وخسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، وآخرها: نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس أو ترحل الناس إلى المحشر (¬3)، هذه الآيات العشر.
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في الأذان، باب: يهوي بالتكبير حين يسجد، حديث رقم: (803)، (2/ 290) وطرفه في: (797، 804، 1006، 2932، 3386، 4560، 4598، 6200، 6393، 6940)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، حديث رقم: (675)، (1/ 466) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وقد جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم بالسنين عدة أحاديث من أشهرها حديث ابن مسعود (رضي الله عنه) المخرَّج في الصحيحين، وفيه وصف بعض ما وقع لهم من الشدة بعد دعائه - صلى الله عليه وسلم -.
(¬2) راجع المصادر المدونة في الحاشية التي قبل السابقة.
(¬3) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.

الصفحة 593