كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

أما الأحاديث الصحيحة الثابتة في أنه تخرج نار بالحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى (¬1)، فهذه قد مضت بلا نزاع، وهي النار التي اشتعلت في الحرّة، واشتعالها وتأريخ اشتعالها معروف (¬2)، فقد فاتت، وهي من معجزاته. - صلى الله عليه وسلم -
وكان الشيخ ابن الجوزي يقول: إن الخسوف الثلاثة قد مضت، وأنه وقع في عراق العجم خسف عظيم، هو خسف المشرق، هلك فيه خلق عظيم، وأنه وقع كذلك في المغرب، ويزعم أنه وقع في جزيرة العرب (¬3)، فعلى كل حال هذه الآيات العشر هي التي ذكرها مسلم في صحيحه أنها الآيات العظام، العلامات الكبرى للقيامة، وقد بَيَّنَّا أن جلّ علماء التفسير، والأحاديث الصحيحة تبين أن بعض الآيات التي إذا أتى لا ينفع نفساً إيمانها: أنه طلوع الشمس من مغربها، وستطلع من مغربها يقيناً بلا شك؛ لأن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - بيّن أنها ستطلع من مغربها بروايات صحيحة لا مطعن فيها، وهو الصادق المصدوق، لا يقول إلا الحق، وطلوعها من مغربها أكبر دليل على تخريف وخرق أصحاب الهيئة الكذابين الذين
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في الفتن، باب: خروج النار، حديث رقم: (7118)، (13/ 78)، ومسلم في الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، حديث رقم: (2902)، (4/ 2227) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬2) وذلك ليلة الأربعاء بعد العشاء، ثالث جمادى الآخرة، سنة أربع وخمسين وستمائة. انظر تفصيل ذلك: في التذكرة للقرطبي ص (636)، البداية والنهاية (13/ 187)، فتح الباري (13/ 79).
(¬3) انظر: القرطبي (7/ 147).

الصفحة 594