كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

أحدهما: آياتٌ أرْضِيَّة تَدُلّ على حدوث أمور عظام هائلة في العالم السُّفْلِي والأرض، وأول هذه: الدجال، كما كان يقولونه؛ لأن الدجال ينزل قبل نزول عيسى ابن مريم؛ لأن [عيسى ابن مريم] يدرك [الدجال] (¬1) فيقتله، وبعض العلماء يقول: إن عيسى ابن مريم ينزل قبل الدجال، ويصلي في إمام المسلمين المهدي، الذي ثبتت الأحاديث الصحاح به (¬2)، وعقد له أبو داود كتاباً باسم (المهدي) (¬3) وهو أيضاً آت لا محالة، وإن أنكره من أنكره؛ لأن الأحاديث الصحيحة ثابتة بمجيئه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوتاً لا مَطْعَنَ فيه، فأول الآيات الأرْضِية العظام نزول الدجال؛ لأن الدجال أكبر حادث يقع في الأرض، وأعظم فتنة تقع في الأرض، وقد صرحت الأحاديث: أنه منذ خلق الله الدنيا لم تقع في الأرض فتنة أعظم من الدجال؛ لأن معه ناراً ونهراً، وناره ماء، ونهره نار؛ ولأنه يأتي القوم فيصدقونه، فيقول للسماء: أمطري، وللأرض: أنبتي، فتطيعه في ذلك، فتروح سارحتهم أعظم ما كانت ضروعاً، وأمَدّه خواصر، ويُحْيي للرجل أبَاه وأمَّه، ويشق الرجل نصفين حتى يروه نصفين، ثم يجمع بين نصفيه، فيرون أنه يحييه، وهو أعظم فتنة في الأرض (¬4). كأن -مثلًا- من قال: إن أول الآيات خُرُوجاً
¬_________
(¬1) في الأصل: ((لأن الدجال يدرك عيسى ابن مريم فيقتله)).
(¬2) انظر عقد الدرر في أخبار المنتظر للسلمي، والاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر للتويجري، والرد على من كذّب الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي للعباد.
(¬3) عون المعبود (11/ 361).
(¬4) انظر جملة من الأحاديث الواردة فيما سبق، في البخاري (13/ 89 - 91)، مسلم (4/ 2249 - 2258).

الصفحة 596