كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

مَغْرِبها (¬1)، وفيها أحاديث كثيرة، وفيها حديث أبي ذر المشهور: أنها تسير كل يوم، فتسْجُد لمستقر لها تحت العرش، ثم تستأذن فيؤذن لها فترجع، فإذا كان اليوم الذي يريد الله طلوعها من مغربها تستأذن فلا يُؤذن لها (¬2). ويقول المفسرون وبعض المحدثين (¬3):
إن تلك الليلة تطول جدّاً، وينتظر الناس الصباح، فيطول عليهم الليل، فتستأذن الشمس فيقال لها: اطلعي من مغربك، فتصبح طالعة للناس من مغربهم، فإذا رَأَوْهَا آمن جميع مَنْ فِي الأرض، وعلموا أن للكون خالقاً حقّاً، ولم يبق أحد منهم إلا وهو مؤمن، وذلك الوقت {لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} وذهب بعض العلماء، ونصره أبو عبد الله القرطبي (¬4): أنها بعد طلوعها من مغربها سترجع إلى عادتها وتطلع من مشرقها، وترجع الدنيا إلى حالها، وأنه إذا تَقَادَمَ عَهْدها، وصار الناس يسمعون بِخَبَرِهَا، أنه حينئذ تقبل توبة الكافر إذا تَابَ، والعاصي إذا تاب، وهذا قال به بعض العلماء، ولكنه خلاف التحقيق؛ لأن ظاهر الأحاديث الكثيرة، والآية الكريمة، أنه بعد إتيان الآية لا ينفع نفساً إيمانها، وهو نفي مطلق إلى يوم القيامة. وقال بعض
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (12/ 246)، ابن كثير (2/ 193 - 195).
(¬2) أخرجه البخاري في التفسير، باب: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم (38)} حديث رقم: (4802، 4803) (8/ 541)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يُقبل فيه الإيمان حديث رقم: (159) (1/ 138).
(¬3) انظر: التذكرة ص 705 فتح الباري (11/ 355)، الدر المنثور (3/ 57 - 61) ..
(¬4) انظر: تفسير القرطبي (7/ 147، 148)، التذكرة ص (706).

الصفحة 598