كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

العلماء (¬1): تؤمر الحفظة بطي الصحف، وطرح الأقلام، ولا ينفع أحداً عمل، ويُخْتَم على كُلٍّ بِعَمَلِهِ.
وقوله: {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ} يفهم منه أن النفس التي طلعت عليها الشمس من مغربها وهي مؤمنة من قبل أنها في خير، وعلى خير، وأن إيمانها نافع لها.
وقوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} يُفهم منه أن النفس المؤمنة التي كانت تعمل الخير أنها في خير وعلى خير، وأما النفس التي كانت مؤمنة ولم تَعْمَلْ في إيمانها الخير، بأن كانت ترتكب المعاصي وتخالف الله، ثم أرادت عند طلوع الشمس أن تتدارك ذلك بالتوبة فلا يُقبل ذلك منها؛ لقوله: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} وكان بعض العلماء يقول: من طلعت عليه الشمس من مغربها وهو على الاستقامة وطاعة الله كُتب له ما كان يفعل دائماً (¬2).
وهذا القول وإن كان ظاهر الآية لا يساعد عليه، إلا أنه غير بعيد؛ لأنه دلت نصوص أخر على أن الإنسان المواظب على الخير إذا عَاقَه عنه عائق كمرض أو سفر أنه يُكتب له ما كان يواظب عليه من الخير إذا عاقه عنه مرض، وهو أحد التفسيرين (¬3) في قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} [التين: الآيتان 5، 6] فعلى أحد التفسيرين في الآية: أن الإنسان إذا رُدّ أسفل سافلين إلى أرذل العمر، وكان هرماً لا يعقل، أنه يُردّ إلى أسفل
¬_________
(¬1) انظر: فتح الباري (11/ 355).
(¬2) انظر: القرطبي (7/ 146) من التفسير، وفي التذكرة ص (705).
(¬3) انظر: ابن جرير (30/ 246 - 247).

الصفحة 599