كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

ثم إن الله لما قال للكفار المكذبين لرسوله: ما تنتظرون إلا بلايا تأتيكم، إما أن تأتيكم الملائكة لقبض أرواحكم، أو يأتي خالق السماوات والأرض لفصل الخطاب فيحكم بتعذيبكم، أو يأتيكم بعض الآيات المانعة من قبول العثرة والتوبة، إذا كان يهددهم هذا التهديد، فقد أتبعه بقوله: {قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} فإنكم تنتظرون السوء ونحن ننتظر الخير؛ لأنا إذا جَاءَتْنَا الملائكة فقبضت أرواحنا ونحن على الاستقامة كان فيه أعظم البشارة لنا، وأحسن العُقبى، وإذا أتَانَا ربنا لفصل القضاء حكم لنا بأحسن الحكم وأكرم النعيم لطاعتنا واستقامتنا، وإذا جاء بعض الآيات المانعة مِنَ التوبة وجدتنا على هدى وتوبة وإنابة، فلم يضرنا مجيئها؛ ولذا قال: {قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} كقوله: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ} [التوبة: آية 52].
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (159)} [الأنعام: آية 159].
[قرأ الجمهور] (¬1) غير حمزة والكسائي: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} بتشديد الراء، وعدم ألف بعد الفاء، وقرأه حمزة والكسائي: {إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً} (¬2) أما على قراءة حمزة والكسائي: {فَارَقُوا دِينَهُمْ} فالمعنى واضح؛ لأنهم ارتدوا -والعياذ بالله- عن الدين وفارقوه، وصاروا طوائف كافِرَة، كل طائفة مُلْحِدَة كافرة غير
¬_________
(¬1) في هذا الموضع وُجد مسح في التسجيل وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬2) انظر: المبسوط لابن مهران ص 205.

الصفحة 601