كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الأخرى، وأما على قراءة الجمهور: {فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} فالمراد بتفريقهم الدين: أن كل طائفة تنتحل نحلة تزعم أنها هي الدين (¬1)، فهي في أهل الأهواء والبدع والضلالات، ويدخل فيهم اليهود والنصارى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: آية 113] فقد فرقوا دينهم، ومعناه: أن كل طائفة وفِرْقَة انْتَحَلَتْ نِحْلَةً تَزْعُمُ أنها هي الدين الحق، وأن ما سواه باطل، والجميع كله ضلال وبدع وأهواء، كما ذكرنا في الحديث: أن النبي بين هذا التفريق، وأن اليهود افترقوا إلى إحدى وسبعين فرقة، وهذه الإحدى والسبعين فرقت دينها، وجعلته إحدى وسبعين فرقة، كل واحدة تَدّعِي أنَّهَا عَلَى الحَقِّ، وأَنَّ غيرها ضال، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، كل فرقة تزعم أنها على الحق، وأن غيرها ضال، وستَفْتَرِق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، تَزْعُمُ كل واحدة أنها على الحق، وجَمِيعُ الفِرَقِ في النار إلا فِرْقَة واحدة (¬2).
¬_________
(¬1) انظر: حجة القراءات ص 2780
(¬2) أخرجه أحمد (2/ 332) وأبو داود في السنة، باب: شرح السنة، حديث رقم: (4572)، (12/ 340)، والترمذي في الإيمان، باب: ما جاء في افتراق هذه الأمة، حديث رقم: (2640)، (5/ 25)، وقال الترمذي: «وفي الباب عن سعد وعبد الله بن عمرو وعوف بن مالك. قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث صحيح» اهـ.

وأخرجه ابن ماجه في الفتن، باب: افتراق الأمم، حديث رقم: (3991)، (2/ 1321)، وابن حبان (الإحسان 8/ 48)، والحاكم (1/ 128)، وأبو يعلى (10/ 5910)، والآجُرِّي في الشريعة ص (15)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد جاء في هذا المعنى عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة؛ كأنس بن مالك، وعوف بن مالك، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو، وغيرهم.
وانظر: صحيح أبي داود (3/ 869)، صحيح الترمذي (2/ 334)، صحيح ابن ماجه (2/ 364)، السلسلة الصحيحة رقم: (203)، التعليق على التنكيل (2/ 53)، صحيح الجامع رقم: (1083).

الصفحة 602