كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

وعلامة هذه الفرقة الواحدة: هي الخالية مِنَ البِدَعِ والأهواء والمبتدعات بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - المخالفة لشرعه، بل هي التي تمشي على الجَادَّةِ والمحَجَّةِ البيضاء التي كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، هذه الفرقة هي الناجية: وهي المسماة بأهل السنة والجماعة، وإن كانوا قليلاً؛ لأن أكثر الأرض على الضلال، أكثر من في الأرض ضلال في النار، والذين هم على الهدى وأهل الجنة قلة جدّاً، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نصيب الجنة من الألف واحد، ونصيب النار من الألف تسع وتسعون وتسعمائة، وهذا ثابت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -، ولما شقّ هذا على أصحابه أخبرهم بكثرة المشركين، وأن هناك قَبِيلَتَيْنِ قد تكون الألف منهم والواحد منكم: يأجوج ومأجوج (¬1)، ويأجوج ومأجوج من العلامات العشر التي ذكرها مسلم لم نذكرها، وهذه الفِرَقُ كلها في النار، ونصيب الجنة واحد من الألف لكثرة الكفار، والله يقول: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ} [الأنعام: آية 116] {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} [الشعراء: آية 8]، {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71)} [الصافات: آية 71] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)} [يوسف:
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في الأنبياء، باب: قصة يأجوج ومأجوج، حديث رقم: (3348)، (6/ 382)، وأخرجه في مواضع أخرى، انظر: الأحاديث: (4741، 6530، 7483)، ومسلم في الإيمان، باب: قوله: «يقول الله لآدم: أخرج بعث النار ... »، حديث رقم: (222)، (1/ 201).

الصفحة 603