كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

عمه يقولون:
أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَلَا تَخَفْ أَحَداً ... بَنُو سَعِيدٍ أَعِزَّةُ الحَرَمِ (¬1)
وهو بهذه العزة في قريش، وهو أمير المؤمنين، وصهر رسول الله على ابنتيه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ذُبح في داره ظلماً، والحجرة النبوية بجنبه، لم يأته النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يحُل لهم المشكلة. وهذه عائشة (رضي الله عنها) ذهبت إلى العراق، ووقعت قصة الجمل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معها في الحجرة، لم تستطع أن تلقاه، ولم تأخذ رأيه: هل تفعل؟ بل قد ندمت كل الندم على ما صدر منها. ولما نزلت مسألة العول: ماتت امرأة وتركت زوجها وأختيها في خلافة عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن أعطيت الزوج النصف لم يبق ثلثان، وإن أعطيت الأختين الثلثين لم يبق نصف، فماذا أفعل؟ وأسفوا كل الأسف على أنهم لم يسألوا النبي (¬2) - صلى الله عليه وسلم -، فما قال أحد منهم: إنهم يسألونه؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه أرسله الله لمهمة وقد بلّغها على أكمل الوجوه وأتمها وأحسنها وأنصحها، ثم تركها محَجَّة بيضاء ليلها كنهارها، ثم اختاره الله إلى ما عنده من الكرامة، ونقله إلى الرفيق الأعلى صلوات الله وسلامه عليه.
والشاهد أن الذين هم على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه سالمون من الدعاوى الكاذبة والخرافات المُضَلِّلَة، بل هم على صراط مستقيم، وهدي واضح لا دعاوى فيه ولا تضليل ولا تهريج، يقتفون
¬_________
(¬1) البيت لأبان بن سعيد بن العاص، وهو في تاريخ دمشق (6/ 134)، الاستيعاب (1/ 75)، الإصابة (1/ 14)، سير أعلام النبلاء (1/ 261).
(¬2) انظر: المحلى (9/ 263)، وانظر ما سيأتي عند تفسير الآية (12) من سورة الأعراف.

الصفحة 605