كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

وَجُرَّ ما يَتْبَعُ مَا جُرَّ وَمَنْ ... رَاعَى في الاتْبَاعِ المَحَلَّ فَحَسَنْ (¬1)
كما قاله ابن مالك في الخلاصة، فقوله: {هَدَانِي رَبِّيَ إِلَى صِرَاطٍ} مجرور في محل نصب، إذ (هداني) تتعدى إلى المفعول الثاني بنفسها، فكأنه قال: (هداني صراطاً مستقيماً ديناً قيماً) فـ (الدين) بدل من (الصراط المستقيم) وهو بدل محل؛ لأنه منصوب أُبدل من مجرور، لكن المجرور في محل نصب.
وأعربه بعضهم حالاً من (الصراط) أي: إلى صراط مستقيم في حال كون ذلك الصراط المستقيم ديناً قيماً، والنكرة إذا نُعِتَت أو خُصصت جاز مجيء الحال متأخرة منها.
وبعضهم قال: هو منصوب بـ (هداني) بتضمينها معنى (عرفني)، ولا يخلو من بعد، وفيه أعاريب غير هذا أظهرها ما ذكرنا.
{هَدَانِي رَبِّيَ} أي: أرشدني وَوَفَّقَنِي إلى طريق واضح لا اعْوِجَاجَ فِيهِ.
{دينًا قيّماً} على قراءة: {قيّماً} فهو الصفة المشبهة من: قَامَ، يقوم، فهو قَيّم، بمعنى: اسْتَقَامَ، يَسْتَقِيم، فهو مستقيم، والعرب تطلق (قام) وتريد: استقام، ومنه: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} أي: مستقيمة على دين الحق {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: آية 113]، فالقَيِّم هو الصِّفَة المشبهة من: قام، يقوم، بمعنى: استقام، يستقيم، فهو كالتوكيد لما قبله.
وقال بعضهم: هذا الدين (قيّم) معناه: أن اتِّبَاعه يقوم بشؤون الدين، وينظم علاقاتها ومصالحها في الدنيا والآخرة، من
¬_________
(¬1) الخلاصة ص (39).

الصفحة 615