كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

قولهم: فلان قَيِّم على أهله، أي: قائم بمصالحهم وشؤونهم، ودين الإسلام جامع بين الوَصْفَيْنِ، هو قيِّم يعني بأحوال الدنيا والآخرة؛ لأن مُتَّبِعَه يصلح له جميع أموره من جميع الجهات في دنياه وأخراه.
وعلى أنه (فَيْعِل) من قام بمعنى: استقام، فهو أيضًا في غاية الاستقامة، وهو كالتوكيد لما قبله.
أما على قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر: {دِيناً قيّماً} فالقِيَمُ هنا مصدر قليل، كقولهم: كبُر كِبراً، وعَظُم عِظَمًا، وشَبعَ شِبَعاً، وقام قِيَماً، فهو مصدر بمعنى (القيام) نُعت به، و (قام) التي مصدرها (قِيَماً) هنا من (قام) التي بمعنى (استقام)، فهو راجع في المعنى إلى الأول، إلا أنَّه من النعت بالمصدر، والعرب إذا نعتت بالمصدر كقولهم: رجل كَرَم، وفلان عَدْل؛ لأن العدل مصدر، إذا نعتت بالمصدر فقيل: هو على حذف مضاف؛ أي: ذو قِيَم؛ أي: استقامة، زيد كَرَم؛ أي: ذو كَرَم، أو كأنهم بالغوا فيه حتى جعلوه عين القِيَم، بمعنى الاستقامة، وكأنهم بالغوا في كرم زيد حتى جعلوه عَيْنَ الْكَرَمِ.
الثاني: أن المصدر المُنَكَّرَ يؤول بالوصف، فيرجع معنى المصدر إلى معنى (قيِّماً)، الذي هو الصفة المشبهة من (قام)، فيرجع معنى الأقوال إلى شيء واحد؛ لأن النعت بالمصدر معناه: ذو قِيَم؛ أي: استقامة، أو هو استقامة بعينه، كأنه لشدة استقامته سُمِّيَ (استقامة) لشدة استقامته، أو لأنه مصدر أُريد به الوصف، فيكون (قِيماً) بمعنى: قيِّماً. هذه الأقوال الثلاثة معروفة في النعت

الصفحة 616