كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 2)

(37) - قوله تعالى: {وكفلها زكريا}:
أصل في الحضانة، ومعنى كفلها زكرياء أي ضمها إليه وقام على أمرها. وقرئ: {وَكَفَّلَهَا} بالتشديد، زكرياء بالنصب، أي: أوجب كفالتها بالقرعة التي أخرجها له. والآية التي أظهرها لخصومه فيها.
وذلك أن زكرياء عليه السلام وخصومه فيها لما تنازعوا أيهم يكفلها تشاهموا بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة. وقيل: بأقلام بروها كالقداح. زقيل: بعصي لهم فرموا بها في نهر الأردن، فصعد قلم زكرياء بالجرية وانحدرت قداح الآخرين. وقيل: إن أقلام القوم عامت على الماء معروضة كما تفعل العيدان، وبقي قلم زكرياء موتدًا واقفًا كأنما ركز في طين، فكفلها زكرياء عليه السلام بهذا الاستهام؛ فذلك قوله تعالى: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} الآية [آل عمران: 44]، وكان زكرياء قد قال لهم: أن أحق بها منكم؛ لأن عندي أختها أو خالتها على اختلاف في ذلك؛ لأنه قيل: إن زوجته أميحيى كانت خالة مريم، وقيل: أختها، فحكم الله تعالى بها لزكرياء، لموضع أختها أو خالتها، وعلى هذا

الصفحة 10