كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

الواحدة من رضوان الله ـ عز وجل ـ لا يظن أنها تبلغ ما بلغت، فإذا هي توصله إلى جنة النعيم.
ومع ذلك فإن الحديث أعم من هذا؛ فإن كثرة الطاعات، واجتناب المحرمات، من أسباب دخول الجنة، وهو يسير على من يسره الله عليه، فأنت تجد المؤمن الذي شرح الله صدره للإسلام يصلي براحة، وطمأنينة، وانشراح صدر، ومحبة للصلاة، ويزكي كذلك، ويصوم كذلك، ويحج كذلك، ويفعل الخير كذلك، فهو يسير عليه، سهل قريب منه، وتجده يتجنب ما حرمه الله عليه من الأقوال والأفعال، وهو يسير عليه.
وأما ـ والعياذ بالله ـ من قد ضاق بالإسلام ذرعاً، وصار الإسلام ثقيلاً عليه فإنه يستثقل الطاعات، ويستثقل اجتناب المحرمات، ولا تصير الجنة أقرب إليه من شرك نعله.

وكذلك النار، وهي الجملة الثانية في الحديث، وهي التي فيها التحذير، يقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ (والنار مثل ذلك) أي أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، فإن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة لا يلقى لها بالاً، وهي من سخط الله، فيهوي بها في النار كذا وكذا من السنين وهو لا يدري. وما أكثر الكلمات التي يتكلم بها الإنسان غير مبال بها، وغير مهتم بمدلولها، فترديه في نار جهنم، نسأل الله العافية.
ألم تروا إلى قصة المنافقين الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، حيث كانوا يتحدثون فيما بينهم، يقولون: ما رأينا مثل قرائناً هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب السناً، ولا أجبن عند اللقاء؛ يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وسلم

الصفحة 100