كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

وأصحابه، يعني أنهم واسعو البطون من كثرة الأكل، وليس لهم هم إلا الأكل. ولا أكذب ألسناً؛ يعني أنهم يتكلمون بالكذب. ولا أجبن عند اللقاء؛ أي أنهم يخافون لقاء العدو، ولا يثبتون بل يفرون ويهربون. هكذا يقول المنافقون في الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وإذا تأملت وجدت أن هذا ينطبق على المنافقين تماماً، لا على المؤمنين، فالمنافقون من أشد الناس حرصاً على الحياة، والمنافقون من أكذب الناس ألسناً، والمنافقون من أجبن الناس عند اللقاء. فهذا الوصف حقيقته في هؤلاء المنافقين.
ومع ذلك يقول الله عز وجل: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) ، يعني ما كنا نقصد الكلام، إنما هو خوض في الكلام ولعب؛ فقال الله عز وجل: (قُلْ) ، يعني: قل يا محمد (أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين َ) (التوبة: 65، 66) ، فبين الله عز وجل ـ أن هؤلاء كفروا بعد إيمانهم باستهزائهم بالله وآياته ورسوله، ولهذا يجب على الإنسان أن يقيد منطقة، وأن يحفظ لسانه حتى لا يزل فيهلك، نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق، والسلامة من الآثم.

* * *

الصفحة 101