كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

فقال له ذات يوم: (سلني) ، يعني: اسأل، من أجل أن يكافئه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ على خدمته إياه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق، وكان يقول: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) ، فأراد أن يكافئه، فقال له: (سلني) يعني اسأل ما بدا لك، وقد يتوقع الإنسان أن هذا الرجل سيسأل مالاً، ولكن همته كانت عالية؛ قال: أسألك مرافقتك في الجنة، يعني كأنه يقول: كما كنت مرفقاً لك في الدنيا، أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أو غير ذلك؟) يعني أو تسأل غير ذلك مما يمكن أن أقوم به؟ قال: هو ذاك، يعني: لا أسال إلا ذاك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأعني على نفسك بكثرة السجود) .

وهذا هو الشاهد؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أعني على نفسك بكثرة السجود) ، وكثرة السجود تستلزم كثرة الركوع، وكثرة الركوع تستلزم كثرة القيام؛ لأن كل صلاة في كل ركعة منها وسجودان، فإذا كثر السجود كثر الركوع وكثر القيام، وذكر السجود دون غيره، لأن السجود أفضل هيئة للمصلي، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وإن كان المصلى قريباً من الله؛ قائماً كان، أو راكعاً، أو ساجداً، أو قاعداً، لكن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد.
وفي هذا دليل على فضل السجود، واختلف أهل العلم هل الأفضل

الصفحة 103