كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

الله لغني عن صاع هذا! فنزلت: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) (التوبة: 79) . متفق عليه.
(نحامل) بضم النون، وبالحاء المهملة: أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة، ويتصدق بها.
EXقال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ نقلاً عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ قال: لما نزلت آية الصدقة: يعني الآية التي فيها الحث على الصدقة، والصدقة هي: أن يتبرع الإنسان بماله للفقراء ابتغاء وجه الله، وسميت صدقة لأن بذل المال لله ـ عز وجل ـ دليل على صدق الإيمان بالله، فإن المال من الأمور المحبوبة للنفوس، قال الله تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر: 20) ، جماً: أي كثيراً عظيماً، وحيث إن المحبوب لا يبذل إلا لمن هو أحب منه، فإذا بذله الإنسان ابتغاء وجه الله؛ كان ذلك دليلاً على صدق الإيمان.

فلما نزلت هذه الآية جعل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يبادرون ويسارعون في بذل الصدقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي عادتهم ـ رضي الله عنهم ـ أنهم إذا نزلت الآيات بالأوامر بادروها وامتثلوها، وإذا نزلت بالنواهي بادروا بتركها، ولهذا لما نزلت آية الخمر التي فيها تحريم

الصفحة 111