كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

الخمر، وبلغت قوماً من الأنصار، وكان الخمر بين أيديهم يشربون قبل أن يحرم، فمن حين ما سمعوا الخبر أقلعوا عن الخمر، ثم خرجوا بالأواني يصبونها في الأسواق حتى جرت الأسواق في الخمر.
وهذا هو الواجب على كل مؤمن؛ إذا بلغه عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم شيء أن يبادر بما يجب عليه؛ من امتثال هذا الأمر، أو اجتناب هذا النهي.
والمهم هنا أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بدءوا يأتون بالصدقة، كل واحد يحمل بقدرته من الصدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل بصدقة كثيرة، وجاء رجل بصدقة قليلة، فكان المنافقون إذا جاء الرجل بالصدقة الكثيرة؛ قالوا: هذا مراءٍ، ما قصد به وجه الله. وإذا جاء الرجل بالصدقة القليلة قالوا: إن الله غني عنه، وجاء رجل بصاع، قالوا: إن الله غني عن صاعك هذا.

وهؤلاء هم المنافقون، والمنافقون هم الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، ويظهرون الشماتة بالمؤمنين دائماً، جعلوا أكبر همهم وأعذب مقال لهم، وألذ مقال على أسماعهم؛ أن يسمعوا ويقولوا ما فيه سب المسلمين والمؤمنين ـ والعياذ بالله ـ لأنهم منافقون، وهم العدو، كما قال الله ـ عز وجل ـ فاحذرهم المنافق الذي يظهر لك خلاف ما يبطن.
فهؤلاء صاروا إذا جاء رجل بكثير، قالوا: هذا مراءٍ، وإن جاء بقليل، قالوا: إن الله غني عن صاعك ولا ينفعك، فأنزل الله ـ عز وجل ـ: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا

الصفحة 112