يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) (التوبة: 79) ويلمزون: يعني يعيبون، والمطوعين: هم المتطوعين المتصدقين، (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُم) ، هذه معطوفة على قوله: (الْمُطَّوِّعِينَ) يعني ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم، فهم يلمزون هؤلاء وهؤلاء، (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، فهم سخروا بالمؤمنين فسخر الله منهم، والعياذ بالله.
ففي هذا دليل على حرص الصحابة على استباق الخير، ومجاهدتهم أنفسهم على ذلك، أيضاً على أن الله ـ عز وجل ـ يدافع عن المؤمنين، وأنظر كيف أنزل الله آية في كتاب الله، مدافعة عن المؤمنين الذين كان هؤلاء المنافقين يلمزونهم.
وفيه دليل على شدة العداوة من المنافقين للمؤمنين، وأن المؤمنين لا يسلمون منهم؛ إن عملوا كثيراً سبوهم، وإن عملوا قليلاً سبوهم، ولكن الأمر ليس إليهم، بل الله ـ عز وجل ـ ولهذا سخر الله منهم، وتوعدهم بالعذاب الأليم في قوله: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
أما حكم المسألة هذه؛ فإن الله تعالى قال في كتابه: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة: 7-8) ، القليل والكثير من الخير سيراه الإنسان، ويجازى به، والقليل والكثير من الشر سيراه الإنسان، ويجازى عليه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الإنسان إذا تصدق بعدل تمرة) أي بما يعادلها (من كسب طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ فإن الله تعالى يأخذها بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم