كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

وبين هنا في هذا الحديث أنه " لا يظلمه ولا يخونه ولا يكذبه" لا يخونه يعني لا يغدر به في محل الائتمان، إذا ائتمنه على شيء، أو على مال، أو على سر، أو على غير ذلك فإنه لا يخونه، والخيانة هي الغدر بالشخص في موضع الائتمان، ولا يجوز لأحد أن يخون أخاه المسلم حتى وإن خانه.

يعني وإن خانك أخوك المسلم فلا تخنه، لقول النبي صلى الله عليه وسمل: أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" فلو فرضنا أن شخصاً خانك في مال؛ بان أقرضته مالاً أي سلفته، ثم أنكر بعد ذلك وقال: لم تقرضني شيئاً؛ فإنه لا يحل لكل أن تخونه فتقترض منه ثم تنكره، بل أد إليه أمانته وأسال الله الحق الذي لك؛ لقول عليه الصلاة والسلام: " لا تخن من خانك".
كذلك أيضاً " لا يكذبه" أي لا يحدثه بكذب، والكذب حرام، وكلما كان آثاره أسوأ كان أشد إثماً. وليس في الكذب شيء حلالاً، وأما من ادعاه بعض العامة حيث يقولون: إن الكذب نوعان: أسود وأبيض، فالحرم هو الأسود، والحلال هو الأبيض، فجوابه: أن الكذب كله أسود، ليس فيه شيء أبيض، لكن يتضاعف إثمه بحس ما يترتب عليه، فإذا كان يترتب عليه أكل مال المسلم، أو غررٌ على مسلم، صار اشد إثماً، وإذا كان لا يترتب عليه أي شيء من الأضرار، فإنه أخف ولكنه حرام.
لكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " إنه رخص في الكذب عند الإصلاح بين

الصفحة 570