كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

الناس وفي الحرب، وفي حديث الرجل امرأته. وحديثها إياه"
ولكن كثيراً من العلماء قال: إن المراد بالكذب في هذا الحديث ليس الكذب الصريح، وإنما هو التورية، والتورية تسمى كذباً، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين يأتي الناس له يوم القيامة ليشفع لهم: إنه كذب ثلاث كذبات، وهو لم يكذب ولكنه ورى تورية، يعني أظهر للمخاطب شيئاً غير الذي يريده نهو، فبعض العملاء يقول: إن هذا الحديث الذي فيه أن الكذب يجوز في هذه الأشياء الثلاثة، يراد به كذب التورية لا الكذب الصريح، وعلى هذا فلا يستثنى من الكذب شيء، وكل الكذب حرام، ثم أعلم الكذب يحار فيه الإنسان ويعجز عنه معالجته كما قيل:
لي حيلة في من ينمُّ وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقولُ فحيلتي فيه قليله
الذي ينمُّ والذي يلقي النميمة بين الناس، لي فيه حيلة أي يمكن أن احتال واتخلص منه ومن شره، لكن الذي يكذب يقول فعلت وفعلت وهو كاذب. ليس في فيه حيلة إذا كان يخلق ما يقول وما شاء قاله، فهذا مشكل ليس لي فيه حيلة، ولهذا قال هنا: " ولا يكذبه".
وفي لفظ " ولا يحقره" يعني لا يحتقره ولا يستصغره، حتى وإن كان اكبر منه سناً، وإن كان أكثر منه مالاً، وإن كان أغزر منه عالماً فلا يحقره.

الصفحة 571