يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21) ، ونضرب مثالاً لذلك: إذا سافر رجل يريد العمرة، ولكنه في أثناء الطريق تعطلت السيارة، ثم رجع فقال: لو أني أخذت السيارة والأخرى لكان أحسن، ولما حصل على التعطل، نقول: لا تقل هكذا؛ لأنك أنت بذلت الجهد، ولو كان الله ـ عز وجل ـ أراد أن تبلغ العمرة ليسر لك الأمر، ولكن الله لم يرد ذلك.
فالإنسان إذا بذل ما يستطيع مما أمر ببذله، وأخلفت الأمور؛ فحينئذ يفوض الأمر إلى الله؛ لأنه فعل ما يقدر عليه، ولهذا قال: (إن أصابك شيء) يعني بعد بذل الجهد والاستعانة بالله ـ عز وجل ـ (فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا كَذا) .
وجزى الله عنا نبينا خير الجزاء؛ فقد بين لنا الحكمة من ذلك، حيث قال: (فإن لو تفتح عمل الشيطان) أي تفتح عليك الوساوس والأحزان والندم والهموم، حتى تقول: لو أني فعلت لكان كذا. فلا تقل هكذا، والأمر انتهى، ولا يمكن أن يتغير عما وقع، وهذا أمر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وسيكون على هذا الوضع مهما عملت.
ولهذا قال (ولكن قل: قدر الله) أي هذا قدر الله، أي تقدير الله وقضاؤه، وما شاء الله ـ عز وجل ـ فعله (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (هود: 107) ، لا أحد يمنعه أن يفعل في ملكه ما يشاء، ما شاء فعل ـ عز وجل.
ولكن يجب أن نعلم أنه سبحانه وتعالى ـ لا يفعل شيئاً إلا لحكمة خفيت علينا أو ظهرت لنا، والدليل على هذا قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا