ما فعلت كذا، ولو أني فعلت كذا لكان كذا، وهذا ليس بصحيح، فأنت أدّ ما عليك، ثم بعد هذا فوض الأمر لله ـ عز وجل.
فإذا قال قائل: كيف احتج بالقدر؟ كيف أقول: قدر الله وما شاء فعل؟
والجواب أن نقول: نعم؛ هذا احتجاج بالقدر، ولكن الاحتجاج بالقدر في موضعه لا بأس به، ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا) (الأنعام: 106، 107) ، فبين له أن شركهم بمشيئته، والاحتجاج بالقدر على الاستمرار في المعصية هذا حرام لا يجوز، لأن الله قال: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) (الأنعام: 148) ، لكن الاحتجاج بالقدر في موضعه هذا لا بأس به، فإن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ دخل ذات ليلة على عليّ بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ فوجدهما نائمين، فقال لهما: (ما منعكما أن تقوما؟) يعني تقوما تتهجدان، فقال علي: يا رسول الله، إن أنفسنا بيد الله؛ لو شاء أن نقوم لقمنا، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب على فخذيه، ويقول: (وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (الكهف: 54) .
هذا جدال لكن احتجاج علي بن أبي طالب في محله؛ لأن النائم