كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 2)

الْعَامِلِينَ) (آل عمران: 134-136) .

هؤلاء هم المتقون: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) يعني: يبذلون أموالهم (فِي السَّرَّاءِ) يعني في حال الرخاء، وكثرة المال، والسرور، والانبساط، (وَالضَّرَّاءِ) يعني في حال ضيق العيش والانقباض.
ولكن؛ لم يبين الله ـ سبحانه وتعالى ـ هنا مقدار، ولكنه بينه في آيات كثيرة، فقال تعالى (وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (البقرة: 219) .
العفو: يعني ما زاد عن حاجاتكم وضروراتكم فأنفقوه، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان: 67) . فهم ينفقون إنفاقاً ليس فيه إسراف ولا تقتير، وينفقون ـ أيضاً ـ العفو، أي: ما عفا وزاد عن حاجاتهم وضروراتهم.
(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) أي: الذين إذا اغتاظوا ـ أي اشتد غضبهم ـ كظموا غيظهم، ولم ينفذوه، وصبروا على هذا الكظم، وهذا الكظم من أشد ما يكون على النفس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) .

الصرعة: يعني يصرع الناس، أي: يغلبهم في المصارعة، فليس هذا هو الشديد، ولكن الشديد: هو الذي يملك نفسه عند الغضب؛

الصفحة 9