كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

وجعلته مفعولا على السعة لم يجز لعدم الرابط بينه وبين اليوم فإن أردت هذا المعنى فقل سير بزيد يوم الجمعة سحر أو السحر منه حتى يرتبط به لأنك لا تقدر الألف واللام من غير أن يلفظ بهما إلا إذا كان في الكلام ما يغني عنهما وأما إذا كان اسما متمكنا كسائر الأسماء فلا بد من تعريفه بما تعرف به الأسماء أو تجعله نكرة فلا يكون من ذلك اليوم فإن قلت: فقد أجازوا سير بزيد يوم الجمعة سحر برفع اليوم ونصب سحر فلم لا يجوز أيضا يوم الجمعة سحر بنصب اليوم ورفع سحر قيل: لأن اليوم وإن اتسع فيه فهو ظرف في معناه وهو يشتمل على السحر ولا يشتمل السحر عليه فلا يجوز إذا أن يتعرف السحر تعريفا معنويا حتى يكون ظرفا بمنزلة اليوم الذي هو منه ليكون تقديم اليوم مع كونه ظرفا مغنيا عن آلة التعريف.
فصل:
وأما ضحوة وعشية ومساء ونحو ذلك فإنها مفارقة لسحر من حيث كانت منونة وإن أردتها ليوم بعينه وهي موافقة له في عدم التصرف والتمكن والفرق بينهما أن هذه أسماء فيها معنى الوصل لأنها مشتقة مما وصف به الأوقات التي هي ساعات اليوم فالعشي من العشاء والضحوة من قولك فرس أضحى وليلة إضحيان يريد البياض والصباح من الأصبح وهو لون بين لونين فإذا قلت خرجت اليوم عشاء وظلاما وضحى وبصرا حكاه سيبويه فإنما تريد خرجت اليوم في ساعة وصفها كذا وخرجت وقتا مظلما أو مبصرا ونحو ذلك فقد بان لك أنها أوصاف لنكرات وتلك النكرات هي أجزاء اليوم وساعاته ألا ترى أنك إذا قلت خرجت اليوم ساعة منه أو مشيت اليوم وقتا منه لم يكن إلا منونا إلا أن

الصفحة 100