كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)
ساعة ووقتا غير معين وضحوة وعشية قد تخصصا بالصفة ولكنه لم يتعرف وإن كان ليوم بعينه لأنه غير معرف بالألف واللام كما كان سحر لأن سحر اسم جامد يتعرف كالأسماء ويخبر عنه وأما نعته فلا يكون كذلك لأن النعت لا يكون فاعلا ولا مفعولا ولا يقام مقام المنعوت إلا على شروط مخصوصة فإن قلت: أليست هذه الأوقات معروفة عند المخاطب من حيث كانت ليوم بعينه فلم لا تكون معرفة كما كان سحر إذا كان ليوم بعينه قيل إن سحر لم يتعرف بشيء إلا بمعنى الألف واللام لا من حيث كان ليوم بعينه فقد تعرف المخاطب الشيء بصفته كما تعرف بآلة التعريف فتقول رأيت رجلا من صفته كذا وكذا حتى يعرفه المخاطب فيسري إليه التعريف وهو مع ذلك نكرة وكذلك ضحوة وعشية وإنما استغني عن ذكر المنعوت بهذه الصفات لتقدم ذكر اليوم الذي هو مشتمل على الأوقات الموصوفة بهذه المعاني كما استغنى عن ذكر المنعوت إذا قلت زيد قائم ولا شك أن المعنى زيد رجل قائم ولكن ترك ذكر الرجل لأنه زيد وكذلك جاءني زيد صالحا أي رجلا صالحا ولكن زيد هو الرجل فأغناك عن ذكره وكذلك ما نحن بسبيله من هذه الأسماء التي هي في نفسها أوصاف لأوقات أغنى ذكر اليوم الذي هي له عن ذكرها لاشتمالها عليه ولم يكن ذلك في سحر ومن ثم أيضا لم تتمكن فتقول سير عليه يوم الجمعة ضحوة وعشية لأن تمكنها يخرجها إلى حيز الأسماء ويبطل منها معنى الصفة فلا ترتبط حينئذ باليوم الذي أردتها له وينضاف إلى هذه العلة علة أخرى قد تقدمت في فصل سحر وكذلك كل ما كان من الظروف نعتا في الأصل نحو ذا حاج وكلت مرة وأقمت طويلا وجلست قريبا لا يتمكن ولا يخرج من الظرف ويلحق بهذا الفصل نهارا إذا قلت خرجت اليوم نهارا لأنه مشتق من أنهر الدم بما تشتت تريد الانتشار والسعة ومنه النهر من الماء لأنه بالإضافة إلى موضع تفجره كالنهار بالإضافة إلى فجره لأن النهر ما ينتشر ويتسع فما انفجر من الماء والنهر بمنزلة ما انتشر واتسع من فجر الضياء واليوم أوسع من النهار في معناه
الصفحة 101
290