كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)
فصار قولك خرجت اليوم نهارا كقولك خرجت اليوم ظهرا وعشيا معنى الاشتقاق فيها كلها بين فجرت مجرى الأوصاف للنكرات في تنوينها وعدم تمكنها قلت: ولما كان النهار أوسع من النهر خص بالألف المعطية اتساع النطق وانفتاح الفم دون النهر.
فصل:
وأما غدوة وبكرة فهما اسما علم وعدم التنوين فيهما للتعريف والتأنيث والذي أخرجهما عن باب ضحوة وعشية وإن كان فيهما معنى الغدو والبكور كما كان في أخواتهما معاني الفعل أنهما قد بنيا بناء لا يكون عليه المصادر ولا النعوت وغيرها للعلمية كما غير عمارة وعمر وأشباههما وكما غير الدبران وفيه معنى الدبور إيذانا باللمية وتحقيقا لمعناها ألا ترى أن ضحوة على وزن صعبة من النعوت وضربة من المصادر والمصادر ينعت بها وضحى على وزن هدى وعلى وزن حطم من النعت وكذلك سائر تلك الأسماء وغدوة وبكرة بخلاف ذلك قد غيرتا عن لفظ الغدو والبكور تغييرا بينا ففارقتا الفصل المتقدم فإن قيل: فلعل امتناع التنوين فيهما بمثابة امتناعه في سحر ليوم بعينه قيل: كلام العرب يدل على خلاف ذلك لأنهم لا يكادون يقولون خرجت اليوم في الغدوة وللغدوة خير من أول الليل كما يقال السحر خير من أول الليل فالسحر كسائر الأجناس في تنكيره وتعريفه وغدوة وبكرة من اليوم بمنزلة رجب وصفر من العام فقد تبين مخالفتهما لسحر وضحوة وأخواتهما وأنهما بمنزلة أسماء الشهور الأعلام وأسماء الأيام الأعلام نحو السبت والجمعة وإذا ثبت هذا فهما اسمان متمكنان يجوز إقامتهما مقام الفاعل إذا قلت سير بزيد يوم الجمعة غدوة فلا يحتاج إلى إضافة ولا إلى لام تعريف وتقول سير به يوم الجمعة غدوة على الظرف فيهما جميعا لأنها بعض اليوم كما تقول سرت
الصفحة 102
290