كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

العام رجبا كله وتقول أيضا سير به يوم الجمعة غدوة برفعهما كأنهما بدل من اليوم ولا تحتاج أيضا إلى الضمير كما تحتاج في بدل البعض من الكل لأنها ظرف في المعنى ولو قلت كره يوم السبت غدوة على البدل لم يكن بد من إضافة غدوة إلى ضمير المبدل منه لأن اليوم ليس بظرف فيكون كقولك كرهت الخميس سحره إذا أردت البدل لأن المكروه هو السحر دون سائر اليوم وإنما يستغنى عن ضمير يعود على اليوم إذا تركته ظرفا على حاله لأن بعض اليوم إذا كان ظرفا لفعل كان جميع ذلك اليوم ظرفا لذلك الفعل الظرف الذي له اسم علم واعلم: أنه ما كان من الظروف له اسم علم فإن الفعل إذا وقع فيه تناول جميعه وكان الظرف مفعولا على سعة الكلام فإذا قلت: سرت غدوة فالسير وقع في الوقت كله وكذلك سرت السبت والجمعة وصفر والمحرم كله مفعول على سعة الكلام لا ظرف للفعل لأن هذه الأسماء لا يطلبها الفعل ولا هي في أصل موضوعها زمان إنما هي عبارة عن معان أخرى فإن أردت أن تجعل شيئا منها ظرفا ذكرت لفظ الزمان وأضفته إليه كقولك سرت يوم السبت وشهر المحرم فالسير واقع في الشهر ولا يتناول جميعه إلا بدليل والشهر ظرف وكذلك اليوم قال سيبويه ومما لا يكون الفعل إلا وقعا به كله سرت المحرم وصفر هذا معنى كلامه وإذا ثبت هذا فرجب ورمضان أسماء أعلام إذا أردتها لعام بعينه أو كان في كلامك ما يدل على عام تضيفها إليه فإن لم يكن كذلك صار الاسم نكرة تقول صمت رمضان ورمضانا آخر وصمت الجمعة وجمعة أخرى إنما أردت جمعة أسبوعك ورمضان عامك وإذا كان نكرة لم يكن إلا شهرا واحدا كما تكون النكرة من قولك ضربت رجلا إنما تريد واحدا وإذا كان معرفة يكون ما يدل على التمادي وتوالي الأعوام لم يكن حينئذ واحدا كقولك المؤمن يصوم رمضان فهو معرفة لأنك لا تريده لعام واحد بعينه إذ المعنى يصوم رمضان من كل عام على التمادي وذكر الإيمان قرينة تدل على أن المراد ولو لم يكن في الكلام ما يدل على هذا لم يكن محله إلا على العام

الصفحة 103