كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)
فصل:
الفعل لا يعمل في الحقيقة إلا فيما يدل عليه لفظه كالمصدر والفاعل والمفعول به أو فيما كان صفة لواحد من هذه نحو سرت سريعا وجاء زيد ضاحكا لأن الحال هي صاحب الحال في المعنى وكذلك النعت والتوكيد والبدل كل واحد من هذه هو الاسم الأول في المعنى فلم يعمل الفعل إلا فيما دل عليه لفظه لأنك إذا قلت ضرب اقتضى هذا اللفظ ضربا وضاربا ومضروبا وأقوى دلالته على المصدر لأنه هو الفعل في المعنى ولا فائدة في ذكره مع الفعل إلا أن تريد التوكيد أو تبيين النوع منه وإلا فلفظ الفعل مغن عنه ثم دلالة الفعل على الفاعل أقوى من دلالته على المفعول به من وجهين أحدهما أنه يدل على الفاعل بعمومه وخصوصه نحو: فعل زيد وعمل عمرو وأما الخصوص فنحو ضرب زيد عمرا ولا تقول فعل زيد عمرا إلا أن يكون الله هو الفاعل سبحانه الوجه الآخر أن الفعل هو حركة الفاعل والحركة لا تقوم بنفسها وإنما هي متصلة بمحلها فوجب أن يكون الفعل متصلا بفاعله لا بمفعوله ومن ثم قالوا ضرب زيد لعمرو وضرب زيدا عمرا فأضافوه إلى المفعول باللام تارة وبغير لام أخرى ولم يضيفوه إلى الفاعل باللام أصلا لأن اللام تؤذن بالانفصال ولا يصح انفصال الفعل عن الفاعل لفظا كما لا ينفصل عنه معنى قلت: وفي صحة قوله: ضرب زيد لعمرو نظر والمعروف الإتيان بهذه اللام إذا ضعف الفعل بالتأخير نحو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} أو كان اسما نحو: أنا ضارب لزيد أو يعجبني ضربك لزيد لضعف العالم في هذه المواضع دعم باللام ولا يكادون يقولون شربت للماء وأكلت للخبز قال فإن قيل فإن الفعل لا يدل على الفاعل معينا ولا على المفعول معينا
الصفحة 106
290