كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

وإنما يدل عليهما مطلقا لأنك إذا قلت: ضرب لم يدل على زيد بعينه وإنما يدل على ضارب وكذلك المضروب وكان ينبغي أن لا يعمل حتى تقول ضرب ضارب مضروبا بهذا اللفظ لأن لفظ زيد لا يدل عليه لفظ الفعل ولا يقتضيه قيل الأمر كما ذكرت ولكن لا فائدة عند المخاطب في الضارب المطلق ولا في المفعول المطلق لأن لفظ الفعل قد تضمنهما فوضع الاسم المعين مكان الاسم المطلق تبيينا له فيعمل فيه الفعل لأنه هو في المعنى وليس بغيره قلت: الواضع لم يضع هذه الألفاظ في أصل الخطاب مقتضية فاعلا مطلقا ومفعولا مطلقا وإنما جاء اقتضاء المطلق من العقل لا من الوضع والواضع إنما وضعها مقتضيات لمعين من فاعل ومفعول طالبة له فما لم يقترن بها المعين كان اقتضاؤها وطلبها بحاله لأن الأخبار والطلب إنما يقعان على المعين فإن قيل: فلو كانت قد وضعت مقتضية لمعين لم يصح إضافتها إلى غيره فلما صح نسبتها وإضافتها إلى كل معين علم أنها وضعت مقتضية للمطلق قيل: الفرق بين المعين على سبيل البدل والمعين على سبيل التعيين بحيث لا يقوم غيره مقامه والسؤال إنما يلزم أن لو قيل إنها مقتضية للثاني أما إذا كانت مقتضية لمعين من المعينات على سبيل البدل لم يلزم ذلك السؤال والله أعلم. قال: وإذا ثبت ما قلناه فما عدا هذه الأشياء فلا يصل إليه الفعل إلا بواسطة حرف نحو المفعول معه والظرف المكاني نحو قمت في الدار لأنه لا يدل عليه بلفظه وأما ظرف الزمان فكذلك أيضا لأن الفعل لا يدل عليه بلفظه ولا بنسبته وإنما يدل بنسبته على اختلاف أنواع الحدث وبلفظه على الحدث نفسه وهكذا قال سيبويه في أول الكتاب: "وإن تسامح في موضع آخر وأما الزمان فهو حركة الفلك فلا ارتباط بينه وبين حركة الفاعل إلا من جهة الإتفاق والمصاحبة" إلا أنهم قالوا: فعلت اليوم لأن اليوم ونحوه أسماء وضعت للزمان يؤرخ بها الفعل الواقع فيها فإذا سمعها المخاطب علم المراد منها واكتفى بصيغتها عن الحرف الجار فإن أضمرتها لم يكف لفظ الإضمار ولا أغنى عن الحرف لأن لفظ الإضمار يصلح

الصفحة 107