كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)
وعن شمالك أي الناحيتين ثم حذف الجار فتعدى الفعل فنصب فهو من باب أمرتك الخير وإنما حذف الحرف لما تضمنه الفعل من معنى الناصب لأنك إذا قلت جلست عن يمينك فمعنى الكلام قابلت يمينك وحاذيته ونحو ذلك فصل
تعدي الفعل إلى الحال بنفسه ومن هذا الباب تعدي الفعل إلى الحال بنفسه ونعني بالحال صفة الفاعل التي فيها ضميره أو صفة المفعول أو صفة المصدر الذي عمل فيها لأن الصفة هي الموصوف من حيث كان فيها الضمير الذي هو الموصوف وذلك نحو سرت سريعا وجاء ضاحكا وضربته قائما فلم يعمل الفعل في هذا النحو من حيث كان حالا لأن الحال غير الاسم الذي نزل عليه الفعل ألا ترى أنك إن صرحت بلفظ الحال لم يعمل فيها الفعل إلا بواسطة الحرف نحو جاء زيد في حال ضحك ولا تقول جاء زيد حال ضحك لأن الحال غير زيد ولذلك لا تقول جاء زيد ضاحكا لأنه غيره وغير المجيء فلا يعمل جاء فيه إلا بواسطة فإذا قلت ضاحكا عمل فيه لأن الضاحك هو زيد وإذا قلت جاء مشيا عمل فيه أيضا لا من حيث كان صفة لزيد لأنه لا ضمير فيه يعود على زيد ولكن من حيث كان صفة للمصدر الذي هو المجيء فعمل فيه جاء كما يعمل في المصدر وأما عمله في المفعول من أجله فإنه لم يعمل فيه بلفظ عندي ولكنه دل على فعل باطن من أفعال النفس والقلب وإلا قلت آثار هذا الفعل الظاهر وصار ذلك
الفعل الباطن عاملا في المصدر الذي هو المفعول من أجله في الحقيقة والفعل الظاهر دال عليه ولذلك لا يكون المفعول من أجله منصوبا إلا بثلاثة شرائط أن يكون مصدرا وأن لا يكون من أفعال الجوارح الظاهرة وأن يكون من فعل الفاعل المتقدم ذكره نحو جاء زيد خوفا مثلا ورغبة ولو قلت جاء قراءة للعلم وقتلا للكافر لم يجز لأنها أفعال ظاهرة فقد بان لك أن المجيء إنما يظهر ما كان باطنا خفيا حتى كأنك
الصفحة 111
290