كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

المجاز لا الحقيقة فتضمنت الآية الرد عليهم كما تضمن قوله اهدنا الصراط المستقيم الرد على القدرية ففي الآية إبطال قول الطائفتين والشهادة لأهل الحق أنهم هم المصيبون وهم المثبتون للقدر توحيدا وخلقا والقدرة لإضافة أفعال العباد إليهم عملا وكسبا وهو متعلق الأمر والعمل كما أن الأول متعلق الخلق والقدرة فاقتضت الآية إثبات الشرع والقدر والمعاد والنبوة فإن النعمة والغضب هو ثوابه وعقابه فالمنعم عليهم رسله وأتباعهم ليس إلا وهدى أتباعهم إنما يكون على أيديهم فاقتضى إثبات النبوة بأقرب طريق وأبينهما وأدلها على عموم الحاجة وشدة الضرورة إليها وأنه لا سبيل للعبد أن يكون من المنعم عليهم إلا بهداية الله له ولا تنال هذه الهداية إلا على أيدي الرسل وأن هذه الهداية لها ثمرة وهي النعمة التامة المطلقة في دار النعيم ولخلافها ثمرة وهي الغضب المقتضي للشفاء الأبدي فتأمل كيف اشتملت هذه الآية مع وجازتها واختصارها على أهم مطالب الدين وأجلها والله الهادي إلى سواء السبيل وهو أعلم.
فصل:
وأما المسألة الخامسة عشرة: وهي ما فائدة زيادة لا بين المعطوف والمعطوف عليه ففي ذلك أربع فوائد أحدها: أن ذكرها تأكيد للنفي الذي تضمنه غير فلولا ما فيها من معنى النفي لما عطف عليها ب لا مع الواو فهو في قوة لا المغضوب عليهم ولا الضالين أو غير المغضوب عليهم وغير الضالين الفائدة الثانية: أن المراد المغايرة الواقعة بين النوعين وبين كل نوع بمفرده فلو لم يذكر لا وقيل: غير المغضوب عليهم والضالين أوهم أن المراد ما غاير المجموع المركب من النوعين لا ما غاير كل نوع بمفرده فإذا قيل ولا الضالين كان صريحا في أن المراد صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء وبيان ذلك أنك إذا قلت: ما قام زيد وعمرو فإنما نفيت القيام عنهما ولا يلزم من ذلك نفيه عن كل واحد منهما بمفرده الفائدة الثالثة: رفع توهم أن الضالين وصف للمغضوب

الصفحة 34