كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

أجرهم تعليقا لهذا الحكم بالوصف وهو كونهم مصلحين وليس في الضمير ما يدل على الوصف المذكور وقريب منه وهو ألطف معنى قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ولم يقل فيه تعليقا لحكم الاعتزال بنفس الحيض وأنه هو سبب الاعتزال وقال تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً} ولم يقل الحيض لأن الآية جار: {قُلْ هُوَ أَذىً} فإنه إخبار بالواقع والمخاطبون يعلمون أن جهة كونه أذى هو نفس كونه حيضا بخلاف تعليق الحكم به فإنه إنما يعلم بالشرع فتأمله.
فائدة:
إنما امتنع مجيء الحال من المضاف إليه لأن الحال شبه الظرف والمفعول فلا بد لها من عامل ومعنى الإضافة أضعف من لامها ولامها لا تعمل في ظرف ولو مفعول فمعناها أولى بعدم العمل فإن قلت: فاجعل العامل فيها هو العامل في المضاف قلت: هو محال لا يجب اتحاد العامل في الحال وصاحبها فلو كان العامل فيها هو العامل في المضاف لكانت حالا منه دون المضاف إليه فتستحيل المسألة فأما إذا كان المضاف فيه معنى الفعل نحو: قولك هذا ضارب هند قائمة وأعجبني خروجها راكبة جاز انتصاب الحال من المضاف إليه لأن ما في المضاف من معنى الفعل واقع على المضاف إليه وعامل فيما هو حال منه وعلى هذا جاء قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا} وقوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا} فإن ما في مثوى وأصحاب من معنى الفعل يصحح عمله في الحال بخلاف قولك: رأيت غلام هند راكبة فإنه ليس في الغلام شيء من رائحة الفعل وقد يجوز انتصاب الحال عن

الصفحة 48