كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

بالخير لأن المعنى الذي من أجله حذفت الباء معنى وليس بلفظ وهو تضمنها معنى كلفتك فلم يقو على الحذف إلا مع القرب من الاسم كما كان ذلك في اخترت ألا ترى إلى قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} كيف أعاد حرف الجر في البدل لما طال بالصلة وكذلك يخرج لنا {مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِهَا} على أحد القولين أي يخرج لنا من بقل الأرض وقثائها وقوله: {مِمَّا تُنْبِتُ} توطئة وتمهيد والقول الثاني أنها متعلقة بقوله: تنبت أي: ما تنبت من هذا الجنس ف من الأولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الجنس وهذا الثاني أظهر فإذا أعيد حرف الجر مع البدل لطول الاسم الأول فإثبات الحرف من نحو أمرتك الخير إذا طال الاسم أجدر الشرط الثاني أن يكون المأمور به حدثا فإن قلت: أمرتك بزيد لم يحذف لأن الأمر في الحقيقة ليس به وإنما هو على غيره كأنك قلت أمرتك بضربه أو إكرامه وأما نهيتك عن الشر فلا يحذف الحرف منه لأنه ليس في الكلام ما يتضمن الفعل الناصب لأن النهي عنه كف وزجر وإبعاد وهذه المعاني التي يتضمنها نهي تطلب من الحرف ما يطلبه نهي بخلاف أمر فإنه كلف وألزم لا تطلب الباء.
فائدة بديعة:
قولهم عرفت كذا أصل وضعها لتمييز الشيء وتعيينه حتى يظهر للذهن منفردا عن غيره وهذه المادة تقتضي العلو والظهور كعرف الشيء لأعلاه ومنه الأعراف ومنه عرف الديك وأما علمت فموضوعة للمركبات لا لتمييز المعاني المفردة ومعنى التركيب فيها إضافة الصفة إلى المحل وذلك أنك تعرف زيدا على حدته وتعرف معنى القيام على حدته ثم تضيف القيام إلى زيد فإضافة القيام إلى زيد

الصفحة 61