كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

الثاني: أنهم المنافقون وعلى هذا فقوله لا تعلمونهم إنما ينبغي حمله على معرفة أشخاصهم لا على معرفة نفاقهم لأنهم كانوا عالمين بنفاق كثير من المنافقين يعلمون نفاقهم ولا يشكون فيه فلا يجوز أن ينفي عنهم علم ما هم عالمون به وإنما ينفي عنهم معرفة أشخاص من هذا الضرب فيكون كقوله تعالى: {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} فتأمله ويزيده وضوحا أن هذه الأفعال لا يجوز فيها الاقتصار على أحد المفعولين بخلاف باب أعطى وكسا للعلة المذكورة هناك وهي تعلق هذه الأفعال بالنسبة فلا بد من ذكر المنتسبين بخلاف باب أعطى فإنه لم يتعلق بنسبة فيصح الاقتصار فيه على أحد مفعولين وهذا واضح كما تراه والله تعالى أعلم. وأما تنظيرهم ل سألت الحائط والدار فيما بعد ما بينهما فإن هذا سؤال بلسان الحال وهو كثير في كلامهم جدا على أنه لا يمتنع أن يكون سؤالا بلسان المقال صريحا كما يقول الرجل للدار الخربة ليت شعري ما فعل أهلك وليت شعري ما صيرك إلى هذه الحال وليس هذا سؤال استعلام بل سؤال تعجب وتفجع وتحزن وأما قوله واسأل القرية فالقرية إن كانت هنا اسما للسكان كما هو المراد بها في أكثر القرآن الكريم والكلام فلا مجاز ولا حذف وإن كان المراد بها المسكن فعلى حذف المضاف فأين التسوية والتنظير.
تنبيه:
قولهم علمت وظننت يتعدى إلى مفعولين ليس هنا مفعولان في الحقيقة وإنما هو المبتدأ والخبر وهو حديث إما معلوم وإما مظنون فكان حق الاسم الأول أن يرتفع بالابتداء والثاني بالخبر ويلغى الفعل لأنه لا تأثير له في الاسم إنما التأثير لعرفت الواقعة على الاسم المفرد تعيينا وتمييزا ولكن أرادوا تشبث علمت بالجملة التي هي الحديث كيلا يتوهم الانقطاع بين المبتدأ وبين ما قبله لأن

الصفحة 64