كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

الابتداء عامل في الاسم وقاطع له مما قبله وهم إنما يريدون إعلام المخاطب بأن هذا الحديث معلوم فكان إعمال علمت فيه ونصبه له إظهارا لتشبثها ولم يكن عملهما في أحد الاسمين أولى من الآخر فعملت فيهما جميعا وكذلك ظننت لأنه لا يتحدث بحديث حتى يكون عند المتكلم إما مظنونا وإما معلوما فإن كان مشكوكا فيه أو مجهولا عنده لم يسعه التحدث به فمن ثم لم يعملوا شككت ولا جهلت فيما عملت فيه ظننت لأن الشك تردد بين أمرين من غير اعتماد على أحدهما بخلاف الظن فإنه معتمد على أحد الأمرين وأما العلم فأنت فيه قاطع بأحدهما ومن ثم تعدى الشك بحرف في لأنه مستعار من شككت الحائط بالمسمار وشك الحائط إيلاج فيه من غير ميل إلى أحد الجانبين كما أن الشك في الحديث تردد فيه من غير ترجيح لأحد الجانبين إعمال كان ونظير إعمالهم علمت وأخواتها في المبتدأ والخبر إعمالهم كان وأخواتها في الجملة وإنما كان أصلها أن ترفع فاعلا واحدا نحو كان الأمر أي حدث فلما خلعوا منها معنى الحدث ولم يبق فيها إلا معنى الزمان ثم أرادوا أن يخبروا بها عن الحدث الذي هو زيد قائم أي زمان هذا الحدث ماض أو مستقبل أعملوها في الجملة ليظهر تشبثها بها ولئلا يتوهم انقطاعها عنها لأن الجملة قائمة بنفسها وكان كلمة يوقف عليها أو يكون خبرا عما قبلها فكان عملها في الجملة دليلا على تشبثها بها وأنها خبر عن هذا الحدث ولم تكن لتنصب الاسمين لأن أصلها أن ترفع ما بعدها ولم تكن لترفعهما معا فلا يظهر عملها ولذلك رفعت أحدهما ونصبت الآخر نعم ومنهم من يقول: كان زيد قائم فيجعل الحديث هو الفاعل لكان فيكون معمولها معنويا لا لفظيا كأنك قلت كان هذا الحديث وأضمرت الشأن والحديث ودلت عليه قرينة الحال والمسألة على حالها لأن الجملة حينئذ بدل من ذلك الضمير لأنها في معنى الحديث وذلك الحديث هو الأمر المضمر فهذا بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة ونظير هذا المعمول المعنوي الذي هو الحديث معمول علمت وظننت إذا ألغيت نحو: زيد ظننت قائم

الصفحة 65