كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 2)

استفهم عن هذا الحديث وكذلك لا معناها النفي وكذلك ليس ولذلك لما أرادوا تشبثها بالجملة لم ينصبوا بها الاسم الأول كما نصبوا ب أن حيث لم يكن معناها يقتضي نصبا إذا لفظ به كما يقتضي معنى أن ولعل إذا لفظ به اختلاف كأن عن أخواتها تختلف كأن عن أخواتها من جهة أنها تدل على التشبيه وهو معنى في نفس المتكلم واقع على الاسم الذي بعدها فكأنك تخبر عن الاسم أنه يشبه غيره فصار معنى التشبيه مسندا إلى الاسم بعدها كما أن معاني الأفعال مسندة إلى الأسماء بعدها فمن ثم عملت في الحال والظرف تقول كأن زيدا يوم الجمعة أمير فيعمل التشبيه في الظرف ومن ذلك قوله:
كأنه خارجا من جنب صفحته ... سفود شرب نسوه عند مفتئد
ومن ثم وقعت في موضع الحال والنعت كما تقع الأفعال المخبر بها عن الأسماء تقول: مررت برجل كأنه أسد وجاءني رجل كأنه أمير. وليس ذلك في أخواتها لأنها لا تكون في موضع نعت ولا في موضع حال بل لها صدر الكلام كما لحروف الشرط والاستفهام لأنها داخلة لمعان في الجمل فانقطعت عما قبلها وإنما كانت كأن مخالفة لأخواتها من وجه وموافقة من وجه من حيث كانت مركبة من كاف التشبيه وأن التي للتوكيد وكان أصلها أن زيدا الأسد أي مثل الأسد ثم أرادوا أن يبينوا أنه ليس هو بعينه فأدخلوا الكاف على الحديث المؤكد بأن لتؤذن أن الحديث مشبه به وحكم أن إذا أدخل عليها عامل أن تفتح الهمزة منها فصار اللفظ بها كأن زيدا الأسد فلما جاء في الكلمة من التشبيه المخبر به عن زيد صار زيد بمنزلة من أخبر عنه بالفعل فوقع موقع النعت والحال وعمل ذلك المعنى وتعلقت به المجرورات ومن حيث كان في الكلمة معنى أن دخلت في هذا الباب ووقع في خبرها الفعل نحو قولك كأن زيدا يقوم والجملة نحو: كأن زيدا أبوه أمير ولو لم يكن إلا مجرد التشبيه لم يجز هذا لأن الاسم

الصفحة 67